الحكمة في الاستيقاظ باكراً
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقظة الفجر مع ريح الصبا
قال تعالى :
)و قرءان الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ( الإسراء : 78 .
يرغب القرآن بالنوم المبكر و الاستيقاظ منذ الفجر قد روي عن النبي عليه الصلاة و السلام
أنه قال : بورك لأمتي في بكورها " و قال : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها " ،
و تحقيقاً لذلك ، أمر عليه الصلاة و السلام بعدم الزيارات بعد العشاء بقوله:
" لا تجتمعوا بعد صلاة العشاء إلا لطلب العلم ."
أما الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان بيقظة الفجر فهي كثيرة منها :
1 ـ تكون أعلى نسبة لغاز الأوزون (o3)
في الجو عند الفجر ، و تقل تدريجياً حتى تضمحل عند طلوع الشمس ،
و لهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي ، ومنشط للعمل الفكري و العضلي ،
و بحيث يجعل ذروة نشاط الإنسان الفكرية و العضلية تكون في الصباح الباكر ،
و يستشعر الإنسان عندما يستنشق نسيم الفجر الجميل المسمى بريح الصبا ،
لذة و نشوة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل .
2 ـ إن أشعة الشمس عند شروقها قريبة إلى اللون الأحمر ،
و معروف تأثير هذا اللون المثير للأعصاب ، و الباعث على اليقظة و الحركة ،
كما أن نسبة الأشعة فوق البنفسجية تكون أكبر ما يمكن عند الشروق ،
و هي الأشعة التي تحرض الجلد على صنع فيتامين د .
3 ـ الاستيقاظ الباكر يقطع النوم الطويل ، وقد تبين أن الإنسان
الذي ينام ساعات طويلة و على وتيرة واحدة يتعرض للإصابة بأمراض القلب و خاصة
مرض العصيدة الشرياني الذي يأهب لهجمات خناق الصدر لأن النوم ما هو إلا سكون مطلق ،
فإذا دام طويلاً أدى ذلك لترسب المواد الدهنية على جدران الأوعية الشريانية الإكليلية القلبية،
ولعل الوقاية من عامل من عوامل الأمراض الوعائية ،
هي إحدى الفوائد التي يجنيها المؤمنون الذين يستيقظون في أعماق الليل متقربين لخالقهم بالدعاء و الصلاة ،
قال تعالى في سورة الفرقان
و الذين يبيتون لربهم سجداً و قياماً (
الفرقان : 64 . و قال تعالى مرغباً في التهجد في سورة المزمل :
)إن ناشئة الليل هي أشد وطأً و أقوم قيلاً (المزمل : 6 .
و ناشئة الليل هي القيام بعد النوم .
4 ـ من الثابت علمياً أن أعلى نسبة للكورتزون في الدم هي وقت الصباح حيث تبلغ (7 ـ 22 ) مكروغرام / 100 مل بلاسما ، و من المعروف أن الكورتزون هو المادة السحرية التي تزيد فعاليات الجسم بالطاقة اللازمة له .
و إذا ما أضفنا هذه الفوائد إلى تلك التي بيناها عند الحديث عن الصلاة و الوضوء نجد أن المسلم الملتزم بتعاليم القرآن ، هو إنسان فريد بالفعل ، حيث يستيقظ باكراً و يستقبل اليوم الجديد بجد و نشاط و يباشر أعماله اليومية في الساعات الأولى من النهار ، حيث تكون إمكاناته الذهنية و النفسية و العضلية على أعلى مستوى ، مما يؤدي لمضاعفة الإنتاج ، كل ذلك في عالم ملؤه الصفاء و السرور و الانشراح و لو تصورنا أن ذلك الإلزام أخذ طابعاً جماعياً فسيغدو المجتمع المسلم ، مجتمعاً مميزاً فريداً و أهم ما يميزه هو أن الحياة تدب فيه منذ الفجر