أثر المعاصي على القلب

أثر المعاصي على القلب/رائد المشهداني .

________________________________________
لكل جسم غذاء، ولكل نفس غذاء... وغذاء النفس القرب من الله ومناجاته و قرءاة القرآن.... والمعصية تبعدك عن الطاعه وتمنع عن نفسك غذاءه. قال تعالى (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) معنى صعدا : مشقى لا راحة معها.
والطاعة نور والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات.
قال ابن عباس إن للحسنة ضياءً في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق).
مع اعتياد القلب على المعصية، تتحول الى عادة… يعني في البداية يكون في ندم وتوبة.. لكن مع تكرار المعصيه خلاص القلب يعتاد عليها وتتحول من معصيه لعاده لا يتحرك القلب ندم وتوبه لفعلها والعياذ بالله عن ابن مسعود رضي الله عنه قالإن المؤمن يرى ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار).
فكل معصية تورث الذل لأنك اتبعت الشيطان، وتركت طريق الله سبحانه وتعالى ... مثلا الشاب الذي يطلق بصره وينظر الى الفتاة ولما تأخد بالها وتنظر اليه يغير تجاه نظره كأنه يسرق... يعني لو افترضنا أن عنده حياء ...اسأل الله العفو والعافية لنا ولكم.
قال تعالى (من كان يريد العزه فلله العزة جميعا)
عبد الله بن المبارك له أبيات جميلة
رأيت الذنوب تميت القلوب **** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب **** وخير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدين إلا الملوك **** وأحبـار سوء ورهبـانها
والقلب يصدأ من المعصية، ومع كل معصية يزيد الصدأ حتى يصبح رانا قال تعالى (كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون) بعد ذلك يصبح طبعا وقفلا والعياذ بالله، ثم يتخذ الشيطان وليا ونصيرا... هذه دورة حياة العاصي البداية تبدأ بمعصية صغيرة ...اسأل الله العفو والعافية لنا ولكم ان شاء الله.
المؤمن الذي قلبه حاضر وخاشع لما يرى محارم الله تنتهك ..يتحرك ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وعلى الأقل يغضب في نفسه، اما العاصي فلا يتحرك قلبه لانتهاك حرمات الله والعياذ بالله لأنه اصلا غارق في معصيه وقلبه مات.
والحياء هو حياة القلب... يعني ببساطه لو أن القلب ممتلئ حياء .فإنه يستحي من الذي يراه سبحانه وتعالى ان يراه على معصية، فلا يعصي خالقه حياء وتعظيماً له. لكن مع تكرار الوقوع بالمعاصي الحياء يموت والعياذ بالله.
فكما أن تعظيم الله وتوقيره يحجز عن المعصية، فإن ارتكاب المعصية يضعف التعظيم والتوقير - حتى يستخف العبد بربه ويستهين بأمره ولا يقدره حق قدره.
فمع كثرة المعاصي.. يتحول العاصي لعبد لهواه ونفسه الأمارة بالسوء...
والمعصية تورث الكسل والخمول. وبما ان تحصيل العلم عبادة وما فيه من مجهود حفظ وفهم يحرم العبد هذه العبادة بمعصيته فيصعب عليه تحصيل العلم.
لذلك عندما يسأل الكفار يوم القيامه كم عاش في الدنيا يقول يوما او بعض يوم.
قال تعالى : قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114)أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)المؤمنون
قال تعالى : يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)طه
ولأن المعصية ممكن يكون جزاؤها حرمان الطاعه ، واغلبنا جربها يعني مثلا يكون الواحد منا معتاداً على ورد يومي في القرآن او ركعتين قيام ليل ..ويأتي فيؤديها فلا يقدرفيشعر بأن العبادة ثقيلة جدا. من الناس حرموا عبادات جميلة جدا بسبب المعصية.
اللهم لا تحرمنا الطاعة بمعصيتنا.
ان كل واحد منا وصل لدرجة معينة في الايمان، وتأتي المعصية فتنزله درجات او تثبته في مكانه فلا يرتقي . وممكن تنزع عنه صفة الإيمان والعياذ بالله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن).
القلب المعلق بالله سبحانه وتعالى مع الله دائما كل تفكيره كيفية الوصول الى رضا الله، اما مع ارتكاب الذنوب والمعاصي القلب يتعلق بهذه المعاصي والشهوات كما قال احد السلف (إن هذه القلوب جوَّالة، فمنها ما يجول حول العرش ومنها ما يجول حول مغريات الدنيا)...